فصل: تفسير الآية رقم (110):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (103):

{فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103)}
{فَأَغْرَقْنَاهُ}
(103)- فَأَرَادَ فِرْعَوْنُ أَنْ يُخْرِجَ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَأَنْ لا يُبْقِى أَحَداً مِنْهُمْ فِيهَا، فَرَدَّ اللهُ كَيْدَهُ إِلَى نَحْرِهِ، وَأَغْرَقَهُ هُوَ وَجُنُودَهُ جَمِيعاً فِي صَبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ.
يَسْتَفِزَّهُمْ- يَسْتَخِفَّهُمْ وَيُزْعِجَهُمْ لِلْخُرُوجِ.

.تفسير الآية رقم (104):

{وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)}
{إِسْرَائِيلَ} {الآخرة}
(104)- وَنَجَّيْنَا مُوسَى وَقَوْمَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقُلْنَا لَهُمْ بَعْدَ هَلاكِ فِرْعَوْنَ: لَقَدْ أَوْرَثْنَاكُمُ الأَرْضَ فَاسْكُنُوهَا وَاسْتَعْمِرُوهَا، فَإِذَا حَانَتِ السَّاعَةُ، وَحُشِرَ النَّاسُ، جِئْنَا بِكُمْ جَمِيعاً (لَفِيفاً)، أَنْتُمْ وَهُمْ لِيَلْقَى كُلَّ وَاحِدٍ جَزَاءَ عَمَلِهِ.
لَفِيفاً- جَمِيعاً مُخْتَلِطِينَ.

.تفسير الآية رقم (105):

{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105)}
{أَنْزَلْنَاهُ} {أَرْسَلْنَاكَ}
(105)- وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ قَائِماً عَلَى الحَقِّ، وَمُتَضَمِّناً لَهُ، فَفِيهِ أَمْرٌ بِالعَدْلِ، وَالإِنْصَافِ وَمَكَارِمِ الأَخْلاقِ، وَفِيهِ نَهِيٌّ عَنِ الظُّلْمِ، وَعَنْ ذَمِيمِ الأَخْلاقِ وَالأَفْعَالِ (وَبِالحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ)، وَأَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ مَحْفُوظاً مَحْرُوساً لَمْ يُزَدْ فِيهِ وَلَمْ يُنْقَصْ مِنْهُ، وَقَدْ أَنْزَلْنَاهُ لِيُقِرَّ الحَقَّ فِي الأَرْضِ (وَبِالحَقِّ نَزَلَ)، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ إِلا مُبَشِراً لِمَنْ أَطَاعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ بِالخَيْرِ وَالجَنَّةِ وَحُسْنِ العَاقِبَةِ. وَمُنْذِراً لِمَنْ عَصَاكَ، وَكَذَبَّكَ، مِنَ الكَافِرِينَ، بِالعُقُوبَةِ وَالعَذَابِ الأَلِيمِ.

.تفسير الآية رقم (106):

{وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106)}
{وَقُرْآناً} {فَرَقْنَاهُ} {نَزَّلْنَاهُ}
(106)- وَآتَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ قُرْآناً نَزَّلْنَاهُ عَلَيْكَ مُفَرَّقاً وَمُنَجَّماً لِتَتْلُوَهُ عَلَى النَّاسِ، وَتُبَلِّغَهُمْ إِيَّاهُ عَلَى مَهْلٍ (عَلَى مُكْثٍ)، لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ حِفْظِهِ، وَفَهْمِ أَحْكَامِهِ، وَالتَّمَعُّنِ فِيهَا لِتَرْسَخَ فِي عُقُولِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ. وَقَدْ نَزَّلْنَاهُ شَيْئاً فَشَيْئاً بِحَسَبِ الظُّرُوفِ وَالحَوَادِثِ وَالوَقَائِعِ (نَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً).
وَفَرَّقْنَاهُ بِالتَّشْدِيدِ- كَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَعْنَاهَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ آيَةً فَآيَةً مُفَسَّراً وَمُبَيَّناً لِتَتْلُوَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مَهَلٍ، وَتُبْلِغَهُمْ إِيَّاهُ عَلَى مَهَلٍ.
فَرَقْنَاهُ بِالتَّخْفِيفِ- أَنْزَلْنَاهُ مُفَرَّقاً، أَوْ بَيَّنَّاهُ وَفَصَّلْنَاهُ.
عَلَى مُكْثٍ- عَلَى تُؤدَةٍ وَتَأَنٍّ.

.تفسير الآية رقم (107):

{قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107)}
{آمِنُواْ}
(107)- قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلاءِ الكَافِرِينَ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، الَّذِي جِئْتَهُمْ بِهِ: سَوَاءٌ آمَنْتُمْ بِهِ أَمْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ، فَهُوَ حَقٌّ فِي نَفْسِهِ، أَنْزَلَهُ اللهُ، وَنَوَّهَ بِذِكْرِهِ فِي الكُتُبِ السَّابِقَةِ لَهُ، الَّتِي أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى رُسُلِهِ السَّابِقِينَ. وَالصَّالِحِينَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ، وَتَمَسَّكُوا بِكِتَابِهِمْ، وَلَمْ يُبَدِّلُوهُ، وَلَمْ يُحَرِّفُوهُ، إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمُ القُرْآنُ يَخِرُّونَ سَاجِدِينَ للهِ شُكْراً لَهُ عَلَى إِنْجَازِهِ وَعْدَهُ بِإِرْسَالِكَ إِلَى النَّاسِ.

.تفسير الآية رقم (108):

{وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108)}
{سُبْحَانَ}
(108)- وَيَقُولُونَ فِي سُجُودِهِمْ: تَنَّزَهَ رَبُّنَا عَنْ خَلْفِ الوَعْدِ، إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ آتِياً لا مَحَالَةَ.

.تفسير الآية رقم (109):

{وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)}
(109)- وَيَخِرُّونَ سَاجِدِينَ عَلَى ذُقُونِهِمْ (لِلأَذْقَانِ) وَيَبْكُونَ خُشُوعاً وَخُضُوعاً للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِيمَاناً وَتَصْدِيقاً بِكِتَابِهِ، وَبِرَسُولِهِ، وَيَزِيدُهُمْ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً (خُشُوعاً).

.تفسير الآية رقم (110):

{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)}
(110)- قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ المُنْكِرِينَ صِفَةَ الرَّحْمَن للهِ عَزَّ وَجَلَّ، المُعَارِضِينَ تَسْمِيَتَهُ بِالرَّحْمَنِ: لا فَرْقَ بَيْنَ دُعَائِكُمْ لَهُ بِاسْمِ اللهِ، أَوْ بِاسْمِ الرَّحْمَنِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى ذُو الأَسْمَاءِ الحُسْنَى.
وَلا تَجْهَرْ أَيُّهَا الرَّسُولُ بِصَلاتِكَ، وَلا تَرْفَعْ صَوْتَكَ بِالقُرْآنِ فَيَسْمَعُكَ المُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا القُرْآنَ. وَلَا تُخَافِتْ بِهَا عَنْ أَصْحَابِكَ، فَلا تُسْمِعَهُمُ القُرآنَ، لِيَأْخُذُوا عَنْكَ، وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً وَسَطاً.
(وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ وَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مُتَوارٍ فِي مَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ، فَلَمَّا سَمِعَ المُشْرِكُونَ ذَلِكَ سَبُّوا القُرْآنَ، وَسَبُّوا مَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ).
لا تُخَافِتْ بِهَا- لا تُسِرَّ بِهَا حَتَّى لا يَسْمَعَكَ مَنْ خَلْفَكَ.

.تفسير الآية رقم (111):

{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)}
(111)- لَمَّا أَثْبَتَ اللهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ الكَرِيمَةِ الأَسْمَاءَ الحُسْنَى، نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنِ النَّقَائِصِ، فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ، فَهُوَ تَعَالَى لَيْسَ ذَلِيلاً فَيَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَداً، أَوْ وَلِيٌّ أَوْ حَلِيفٌ، أَوْ وَزِيرٌ، أَوْ مُشِيرٌ، بَلْ هُوَ اللهُ تَعَالَى، خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ، وَمُدَبِّرُهُ وَمُقَدِّرُهُ، وَلا شَرِيكَ لَهُ فِي مُلْكِهِ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: احْمَدِ اللهِ، وَعَظِّمْهُ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً.

.سورة الكهف:

.تفسير الآية رقم (1):

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1)}
{الكتاب}
(1)- يَحْمَدُ اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ الكَرِيمَةِ عِنْدَ فَوَاتِحِ الأُمُورِ وَعِنْدَ خَوَاتِيمِهَا، وَهُنَا يَحْمَدُ نَفْسَهُ عَلَى إِنْزَالِهِ القُرْآنَ (الكِتَابَ) عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ أَعْظَمُ نِعْمَةٍ أَنْعَمَهَا عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ، إِذْ أَخْرَجَهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النَّوْرِ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ كِتَابَهُ مُسْتَقِيماً لا عِوَجَ فِيهِ وَلا زَيْغَ.
عِوَجَا- اخْتِلافاً، أَوْ اخْتِلالاً أَوِ انْحِرَافاً عَنِ الحَقِّ.

.تفسير الآية رقم (2):

{قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)}
{الصالحات}
(2)- وَقَدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى كِتَابَهُ مُعْتَدِلاً (قََيِّماً) لا إِفْرَاطَ فِيهِ، فِيمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ التَّكَالِيفِ، وَلا تَفْرِيطَ فِيهِ بِإِهْمَالِ مَا تَمَسُّ الحَاجَةُ إِلَيْهِ، لِيُنْذِرَ بِهِ مَنْ خَالَفَهُ وَكَذَّبَهُ، وَلَمْ يُؤْمِنُ بِهِ، عُقُوبَةً عَاجِلَةً فِي الدُّنْيَا، وَآجِلَةً فِي الآخِرَةِ، مِنْ عِنْدِ اللهِ (مِنْ لَدُنْهُ)، وَيُبَشِّرَ، بِهَذا القُرْآنِ، المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَيَّدُوا إِيمَانَهُمْ بِاللهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، بِالعَمَلِ الصَّالِحِ، أَنَّ لَهُمْ عِنْدَ اللهِ ثَوَاباً حَسَناً جَزِيلاً، هُوَ الجَنَّةُ.
قَيِّماً- مُسْتَقِيماً مُعْتَدِلاً.
بَأْساً- عَذَاباً آجِلاً أَوْ عَاجِلاً.

.تفسير الآية رقم (3):

{مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3)}
{مَّاكِثِينَ}
(3)- وَإِنَّهُمْ يَبْقَوْنَ فِي الجَنَّةِ مُخَلَّدِينَ أَبَداً، لا يَحُولُونَ عَنْهَا، وَلا يَزُولُونَ.
فِيهِ- يَعْنِي مَاكِثِينَ فِي أَجْرِهِمْ وَثَوَابِهِمْ الحَسنِ.

.تفسير الآية رقم (4):

{وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4)}
(4)- وَلِيُنْذِرَ وَيُحَذِّرَ، مُنِبِينَ هَؤُلاءِ الكُفَّارِ، الَّذِينَ قَالُوا: اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً، وَهُمْ مُشْرِكُو العَرَبِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: نَحْنَ نَعْبُدُ المَلائِكَةَ بَنَاتِ اللهِ، وَهُنَاكَ مِنْ النَّصَارَى مَنْ جَعَلَ المَسِيحَ ابْنَ اللهِ، وَمِنَ اليَهُودِ مَنْ جَعَلَ عُزَيراً ابْنُ اللهِ- فَالإِنْذَارُ يَشْمَلُ جَمِيعَ هؤُلاءِ، وَيَشْمَلُ كُلَّ مَنْ نَسَبَ إِلَى اللهِ وَلَداً.

.تفسير الآية رقم (5):

{مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)}
{لآبَائِهِمْ} {أَفْوَاهِهِمْ}
(5)- وَفِي الحَقِيقَةِ إِنَّهُمْ لا بُرْهَانَ لَهُمْ، وَلا دَلِيلَ، عَلَى مَا يَفْتَرُونَ، وَمَا يَنْسُبُونَ إِلَى اللهِ مِنَ الوَلَدِ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لآبَائِهِمْ عِلْمٌ وَلا بُرْهَانٌ عَلَى هَذِهِ الفِرْيَةِ. وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً فِي الكُفْرِ (كَبُرَتْ كَلِمَةً). وَهَذا القَوْلُ الَّذِي يَقُولُونَهُ إِنْ هُوَ إِلا كَذِبٌ وَبُهْتَانٌ.
كَبُرَتْ كَلِمَةً- مَا أَكْبَرهَا وَمَا أَعْظَمَها فِي القُبْحِ مِنْ كَلِمَةٍ.

.تفسير الآية رقم (6):

{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)}
{بَاخِعٌ} {آثَارِهِمْ}
(6)- لا تُهْلِك يَا مُحَمَّدُ نَفْسَكَ حُزْناً عَلَى هَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ لأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ، وَبِهَذا القُرْآنِ (بِهَذَا الحَدِيثِ)، بَلْ أَبْلِغْهُمْ أَنْتَ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، وَادْعُهُمْ إِلَى اللهِ، وَهَذِهِ هِيَ مُهِمَّتُكَ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ، فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا.
بَخَعَ نَفْسَهُ- قَتَلَهَا وَأَهْلَكَهَا.
أَسَفاً- حُزْناً أَوْ غَيْظاً.

.تفسير الآية رقم (7):

{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7)}
(7)- إِنَّ اللهَ جَعَلَ الدُّنْيا حُلْوةً خَضِرَةً، لِيَنْظُرَ مَاذَا يَعْمَلُ النَّاسُ- كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ-، وَجَعَلَ مَا عَلَى هَذِهِ الأَرْضُ مِنْ نَبَاتٍ وَجَمَادٍ وَحَيَوانٍ.. زِينَةً لَهَا وَلأَهْلِهَا لِيَخْتَبِرَهُمْ فِي فَهْمِ مَقَاصِدِ تِلْكَ الزِّينَةِ، التِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى وُجُودِ الخَالِقِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ، وَلِيَبْتَلِيَهُمْ أَيُّهُمْ يُحْسِنُ العَمَلَ فِيهَا، وِفْقاً لِلْمَقَاصِدِ التِي أَرَادَهَا اللهُ.
لِيَبْلُوَهُمْ- لِيَخْتَبِرَهُمْ مَعَ عِلْمِ اللهِ بِحَالِهِمْ.
أَحْسَنُ عَمَلاً- أَزْهَدُ فِيهَا وَأَسْرَعُ فِي طَاعَةِ اللهِ.

.تفسير الآية رقم (8):

{وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)}
{لَجَاعِلُونَ}
(8)- ثُمَّ أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى عَنْ زَوَالِ الدُّنْيَا وَذَهَابِهَا، وَذَهَابِ مَا عَلَيْهَا، إِذْ يَجْعَلُ اللهُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهَا خَرَاباً يَبَاباً، وَبَلْقَعاً لا نَبْتَ فِيهِ (صَعِيداً جُرُزاً)، بَعْدَ أَنْ كَانَ خَضِراً نَضِراً، مُبْهِجاً، تُسَرُّ بِهِ العُيُونُ.
صَعِيداً جُرُزاً- تُرَاباً أَجْرَدَ لا نَبَاتَ فِيهِ.

.تفسير الآية رقم (9):

{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9)}
{أَصْحَابَ} {آيَاتِنَا}
(9)- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي نُزُولِ هذِهِ السُّورَةِ: إِنَّ قُرَيْشاً أَرْسَلَتْ شَخْصَيْنِ إِلَى يَهُودِ المَدِينَةِ يَسَأَلُونَهُمْ رَأَيهُمْ فِي دَعْوَةِ مُحَمَّدٍ. فَقَالَ اليَهُودُ لِرَسُولَي قُرَيْشٍ: اسْأَلُوهُ عَنْ ثَلاثَةِ أُمُورٍ، فَإِنْ أَجَابَكُمْ عَلَيهِنَّ فَإِنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِلا فَهُوَ رَجُلٌ مُتَقَوِّلٌ، فَتَرَوْا فِيهِ رَأْيَكُمْ.
- سَلُوهُ عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدَّهْرِ الأَوَّلِ، مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ قَدْ كَانَ لَهُمْ حَدِيثٌ عَجِيبٌ.
- وَسَلُوهُ عَنْ رَجُلٍ طَوّافٍ بَلَغَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، مَا كَانَ نَبؤه؟
- وَسَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ مَا هُوَ؟
وَلَمَا سَأَلَتْ قُرَيْشٌ النَّبِيَّ (عَلَيْهِ السَّلامُ)، اسْتَمْهَلَهُمْ إِلَى الغَدِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ (أَيْ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللهُ)، فَتَأَخَّرَ الوَحْيُ عَنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً، فَحَزِنَ الرَّسُولُ لِذلِكَ، وَتَقَوَّلَ المُشْرِكُونَ، ثُمَّ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِهذِهِ السُّورَةِ.
وَيَبْدَأُ تَعَالَى بِسَرْدِ قِصَّةِ أَهْلِ الكَهْفِ، وَهُمُ الفِتْيَةُ الَّذِينَ ذَهَبُوا فِي الدَّهْرِ الأَوَّلِ. وَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ أَمْرَهُمْ لَيْسَ عَجِيباً فِي قُدْرَتِنَا وَسُلْطَانِنَا، فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَخَلَقَ كُلَّ ذَلِكَ أَعْجَبُ مِنْ أَخْبَارِ أَهْلِ الكَهْفِ. وَيَقُولُ تَعَالَى مُبْتَدِئاً سَرْدَ قِصَّةِ أَهْلِ الكَهْفِ: لا تَحْسَبْ أَنَّ قِصَّةَ أَهْلِ الكَهْفِ وَالرَّقِيمِ، الَّذِينَ نَامُوا أَمَداً طَوِيلاً، هِيَ الآيَةُ العَجِيبَةُ وَحْدَهَا مِنْ بَيْنِ آيَاتِنَا التِي لا تُعَدُّ وَلا تُحْصَى، وَالتِي تَدُلُّ عَلَى قُدْرَتِنَا، فَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمَا فِيهِمَا، أَعْجَبُ مِنْ قِصَّةِ أَهْلِ الكَهْفِ.
أَمْ حَسِبْتَ- بَلْ ظَنَنْتَ.
الكَهْفِ- النَّقَبِ المُتَّسِعِ فِي الجَبَلِ.
الرَّقِيمِ- اللَّوْحِ فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ الكَهْفِ وَقِصَّتُهُمْ.